يحاول النظام في طهران إظهار نفسه بمظهر القوة التي لا يمکن أبداً قهرها أو التعرض لها
يتميز النظام الإيراني عن باقي النظم السياسية في المنطقة بولعه الشديد الذي يتجاوز أحياناً الهوس، بالقوة والمقدرة الخارقة للعادة، وهذا الولع والهوس لم يأتِ من صدفة أو من فراغ، وله جذور وأساس واضح من الواقع، ويتمثل في اعتماده المفرط على القوة من أجل مواجهة کل التحديات والتهديدات المحدقة به.
إلقاء نظرة متفحصة على ماضي النظام بصورة خاصة من حيث تعامله وتعاطيه مع کافة التهديدات التي تحدق به من قبل شرائح الشعب الايراني المتطلعة للحرية عموماً، ومن قبل القوى السياسية الوطنية الايرانية ولا سيما منظمة مجاهدي خلق وسياسة القبضة الحديدية التي استخدمها مع کافة القوى السياسية التي لم تستظل بخيمة النظام والتي وصلت إلى ذروتها في مجزرة آلاف السجناء السياسيين في صيف عام 1988، الذين کان أغلبهم من مجاهدي خلق، يکفي لإظهار مدى تمادي هذا النظام من حيث ولعه المفرط باستخدام القوة إلى أبعد حد ضد المعارضين خصوصاً والشعب عموماً.
إعدام المحکومين علناً أمام الملأ وإعدام النساء والشيوخ وحتى الأحداث والتعذيب بأسوء أنواعه إلى الحد الذي مات أکثر من 16 معتقلاً من انتفاضة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2017 تحت ذلك التعذيب، بل وحتى إن ما قامت به ما تسمى دوريات الإرشاد بقتل مهسا أميني من جراء استخدام القسوة المفرطة ضدها، يمکن أن يوضح خلفية هذا النظام في کونه مولعاً ومهووساً بالقوة، وهو الأمر الذي دفعه إلى التوسع السرطاني في بلدان المنطقة والسعي الجنوني من أجل التسلح وبشکل خاص بالأسلحة غير العادية من قبيل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وإنتاج أسلحة الدمار الشامل.
کل هذا يوضح السر الذي يقف خلف التصريحات النارية والعنترية غير العادية للنظام يمنة ويسرة، وإظهار النظام وکأنه بعبع وأسطورة لا يمکن أبداً قهره وإن التعرض له يعني بأنه سيجعل المنطقة کلها جحيماً، لا سيما بعد أن فرض نفوذه على أربعة بلدان في المنطقة وجعلها أشبه ما تکون کجبهات أمامية، بل وإن وهم القوة والتمختر والشعور بالعظمة قد ذهب بهذا النظام إلى أبعد حد، فصور له خياله المريض المهووس بالقوة أنَّه قد أصبح قوة عظمى! والمثير للسخرية أن أذنابه ومن يشارکونه هذا الشعور الواهي، يرددون کالببغاوات إن هذا النظام قد أصبح قوة عظمى، وإنه لا سبيل لمواجهته والوقوف بوجهه، وکأن الانتفاضة التي قام بها الشعب الإيراني في 16 أيلول (سبتمبر) 2022 ضده واستمرت ستة أشهر وجعلت النظام کله يرتعد فرقاً من جراء ذلك وحتى إن العالم کله قد حبس أنفاسه بإنتظار ما سينجم عن ذلك، قد حدث في بلد آخر غير إيران وضد نظام غيره! هذا إذا وضعنا المواصفات والشروط المطلوبة لأي دولة کي تصبح قوى عظمى جانباً والتي لاتنطبق أبداً مع هذا النظام الدعي!
مظاهر ومزاعم القوة التي يدعيها النظام الإيراني ليل نهار وزعمه بأنه قوة عظمى، شاهدناها جميعاً خلال الانتفاضات الثلاث الأخيرة التي جعلت من النظام مجرد قزم أمام قوة الإرادة الشعبية، حيث تبخرت کل التصريحات العنترية وبان النظام على حقيقة وواقع الضعف والعجز الذي يجد نفسه أمامه وجهاً لوجه کلما هبت عاصفة شعبية ضده!